بطبيعة فطرة الإنسان فإنه يحاول أن يحافظ على حياته ويدافع عن نفسه في ظروف الحياة القديمة التي كان البقاء فيها للأقوى، فمُنحت لدى الإنسان القديم حركات الطبيعة غير مقصودة متمثلة في استخدام الأيدي المجردة والجسد للدفاع عن النفس وبطبيعة الإنسان القديم نشر هذه الفنون القتالية للأيدي المجردة، ومع مرور الزمن انتشرت أسلحة الدفاع عن النفس ضد المعتدين إلا أن الإنسان اعتاد على تقوية جسده وممارسة الفنون القتالية لليد المجردة وظل الناس يمارسون هذه الفنون وأقاموا لها المسابقات لإظهار الأوائل بين القبائل المشاركة واعتبروا تلك المسابقات طقوسا دينية وسعوا إلى استمرارها بشكل منظم، وفي وقت مبكر في تاريخ القارة الكورية كانت تقطنها قبائل تتمتع بالمنافسة بفنون القتال خلال فصول السنة ووجدت آنذاك ثلاثة مملكات هي :
1) مملكة كوجوريو . 2) مملكة سيلا . 3) مملكة بيكجي .
واهتمت هذه الممالك الثلاث بنشر تلك المسابقات وسُميت باسم (سوباك) ثم (تايكيون) إلى أن سميت حديثاً (تايكوندو) ، فنظمت مملكة سيلا التي ظهرت في سنة 57 ق.م. في الجنوب الشرقي لشبه القارة الكورية نظمت فرقة سُميت (الهوارانغدو) وذلك كفيلق عسكري من المحاربين الشباب، وكذلك مملكة كوجوريو التي ظهرت في سنة 37 ق.م في شمال شبه القارة الكورية والتي أقامت فرقة باسم (شويزونين) وتبنت كلا المملكتين كل على حده تدريب ذلك الفن العسكري واشتهرت بفن القتال بالأيدي وكانتا على يقين في أن ذلك الفن (التايكوندو) هو الذي سيتولى موضوع التدريب الطبيعي للأفراد الذين سيحافظون على قوة وبقاء المملكة.
وبعد مملكة سيلا ظهرت دولة ملوك كوريا خلال الفترة 918-1392م واهتمت بتطوير رياضة التايكيون (التايكوندو) بنظام آخر إجباري يخضع لاختبارات المدرسة الحربية العسكرية، وصار التايكيون فن القتال العسكري واتسم بالتقنيات والسرعة وأسس لقتال البشر في الجيوش ودعَوا إلى تطبيقه واستعماله بقوة في الحروب الحقيقية.
ثم ظهرت في كوريا دولة (شوسون) في العصر الحديث واستمرت خلال الفترة 1392-1910، ثم بدأ الاستعمار الياباني لكوريا حتى سنة 1945م، وأصيب التايكيون (التايكوندو) بنكسة خلال الاستعمار نتيجة لمحاربة اليابانيين لهذه الرياضة ومنعهم لها .
وبقيت معلومة لدى بعض المعلمين لها ومورست بشكل سري، وبعد تحرر كوريا من الاحتلال الياباني بـــدأ الكوريون في بحث سُبل تطوير هذه اللعبة وازداد عدد مزاولي التايكيون وتم تثبيت اسم (التايكوندو) على هذه الرياضة سنة 1954م، كما تم
اكتشاف لوحات حجريه على جدران المقابر الملكية لكل من (موينج شونج
وكاكتشونج ) يرجع تاريخها إلى عام 37 قبل الميلاد وقد تم اكتشافها على يد
بعض علماء الآثار عام 1935م حيث وجد على هذه اللوحات فنون كثيرة للدفاع عن
النفس وقد ضم سقف مقبرة موينج شونج رسوما لشخصين يتدربان على ضربات وركلات
في فن التايكيون، كما وجدت رسومات على سقف مقبرة كاكتشونج لشخصين في وضع قتال حر، ولقد أثبتت الوثائق القديمة أن (الهوارانغدو) قد اهتموا برياضة التايكيون
ليس فقط كفن للدفاع عن النفس ولكن كثقافة تقليديه ونشاط رياضي يومي كما
أثبتت أيضا الاكتشافات الأثرية اهتمام المماليك والإمبراطوريات الكورية في
العصور القديمة لفن التايكيون وتطويره كقوة وثقافة شعبية كما يشهد بذلك عصر
الملك (بي) في مملكة سوباك عام 147 ميلادية.
و في سنة 1955م تأسس التايكوندو على شكله الحالي على يد " جين شوا هونج هي " الذي قام بوضع مبادئها الأساسية، و في سنة 1958م أخرج أول إصداراته عن هذه الرياضة، وفي 16سبتمبر 1961م تغير اسم اتحاد التايكوندو إلى (الاتحاد الكوري للتايكوندو)، وفي سنة 1962 انضمت رياضة التايكوندو إلى مجلس الرياضة الكوري.
وفي سنة 1963م أقام الاتحاد الكوري للتايكوندو بطولة للاستعراضات شارك فيها 44 متسابق وطني وبدأت بطولة كأس الرئيس للفرق في 28/10/1966 ثم في 16/6/1986م ، وبدأت بطولة كوريا للأجانب ثم بطولة المدارس الوطنية في سنة 1970م بجانب بطولة النساء التي نظمت بثبات حتى يومنا هذا .
.
وفي سنة 1963 بدأت تنظم بطولة الجامعات الكورية بواسطة اتحاد الجامعات للتايكوندو وفي سنة 1972 أقيم مركز (الكوكي وُن) ليكون مركز قيادة التايكوندو في العالم ثم تحول أخيراً إلى الأكاديمية العالمية للتايكوندو، وفي سنة 1973 تأسس الاتحاد العالمي للتايكوندو في سيئول عاصمة كوريا الجنوبية ونظم أول بطولة في العالم في 25 مايو 1973م .
وفي سنة 1974 م تأسس الاتحـــــاد الآسيــوي للتايكواندو وأقيمـــت أول بطولة آسيوية فــــي 18 – 20/أكتوبر/1974م، وفي سنة 1976م ، انضمت رياضة التايكوندو إلى اتحاد الرياضات العسكرية ( CIAM ) وفي سنة 1983م دخلت رياضة التايكوندو دورة الألعاب للقارة الأمريكية.
و في سنة 1986م دخلت رياضة التايكوندو في دورة الألعاب الآسيوية، كما دخلت ضمن الألعاب الأفريقية كما نظم الاتحاد العالمي للتايكوندو بطولة كأس العالم وأدخلت رياضة التايكوندو إلى قائمة الألعاب الأولمبية سنة 1988م في أولمبياد سيئول كبطولة استعراضية غير محتسبة النتائج وكذلك في أولمبياد برشلونة 1992م، وفي أولمبياد أتلانتا 1996م، وتم اعتمادها كبطولة رسمية في أولمبياد سدني وشارك فيها 130 لاعب ولاعبة يمثلون واحد وخمسون دولة وذلك خلال الفترة من 27 – 30 سبتمبر2000م، وكما هو معتاد في جميع بطولات العالم والبطولات الآسيوية تربعت كوريا على عرش هذه الدورة، ولا يفوتني في ختام هذا الفصل إلى أن أشير إلى انه إذا كان الكوريون ينسبون أصل التايكواندو لأنفسهم، فإننا نشير إلى أن منطقتنا العربية لم تتخلف في هذا المجال بل إننا أثبتنا أننا كنا أسبق في معرفة فنون مثل هذه الرياضة منذ عصر الفراعنة في مصر، حيث وجدت نقوش و رسوم لفنونها على أطلال مقابر الفراعنة في قرية بني حسن بمحافظة المنيا بمصر الوسطى والتي يرجع تاريخها إلى 2000 سنة قبل الميلاد.
